تفكروا في آيات الله وكيف بسط الله عز وجل الأرض، وجعل فيها الجبال والوهاد والأودية، والمنخفضات والمرتفعات والرمال والأبطحة، والمعادن التي في جوفها والمياه، وما شابه ذلك.فلو أن الإنسان أخذ يتدبر في هذه المخلوقات وأخذ يكرر ذلك لحفظ وقته من الضياع، وازداد يقينا وقوي إيمانه، ولم تتطرق إلى عقله الشكوك والتخيلات الشيطانية. logo اللسان أمانة،استودعه الله عندنا وأمرنا بأن نستعمله في الذكر وفي العلم وفي التعليم وفي النصيحة وما أشبه ذلك، ولا نستعمله في غيبة ونميمة ولا في هجاء ولا في عيب وقذف وهمز ولمز وما أشبه ذلك. وهكذا بقية الجوارح أمانات داخلة في قول الله تعالى: (والذين هم لأماناتهم وعهدهم راعون) . القلوب أوعية؛ منها ما يستوعب الخير، ومنها ما يستوعب الشر. وأفضل القلوب هي التي تمتلئ بالخير،تمتلئ بالعلم وتمتلئ بالدين والعبادة، تمتلئ بالعلم النافع والعقيدة السليمة، هذه هي القلوب الواعية، وهي أرجى القلوب لتحصيل الخير عيادة المريض سنة مؤكدة، وقد رأى بعض العلماء وجوبها. قال البخاري في صحيحه: باب وجوب عيادة المريض. ولكن الجمهور على أنها مندوبة أو فرض على الكفاية، وقد ورد في فضلها قول النبي صلى الله عليه وسلم: "إن المسلم إذا عاد أخاه المسلم لم يزل في خرفة الجنة حتى يرجع" رواه مسلم. (الخرفة: اجتناء ثمر الجنة) إذا عرف الصغير ربه، وعظم قدر ربه في قلبه، نشأ على طاعة الله تعالى، ونشأ على محبته، وأحب عبادة الله وعظمها في صغره، وسهلت عليه وداوم عليها في كبره، وكره المعصية ونفر منها، وكره كل ما نهى الله تعالى عنه؛ حيث أن آباءه يعلمونه الخير ويؤدبونه عليه
shape
شرح سلم الوصول وأبواب من كتاب التوحيد
128341 مشاهدة print word pdf
line-top
إرسال الرسل للتذكير بالعهد

وبعد هذا رسلـه قــد أرســلا
لهم وبالحــق الكتــاب أنـــزلا
أرسل الرسل وانزل الكتب .
الرسل هم: البشر الذين يحملون شرع الله -تعالى- ويبلغونه إلى الناس، واحدهم رسول، يعني مرسل من ربه، وبالحق الكتاب أنزلا أي وأنزل الكتب على الأنبياء مضمنة لشرعه، فأرسل الرسل، وأنزل الكتب لماذا ؟
لكي بذا العهـــد يذكــروهـم
وينذروهــم ويبـشـــروهـــم
يعني: أن الرسل يذكرونهم بذلك العهد الذي أخذ عليهم وهم في أصلاب الآباء وأرحام الأمهات، يذكرونهم تذكروا أنكم عبيد الله، وتذكروا أن الله ربكم، وتذكروا أنكم خلقه، وأنكم عبيده، وتذكروا أنه خلقكم لعبادته، وتذكروا أنه أخذ عليكم العهد بذلك في عالم الأرواح، أو في عالم الذر، يذكرونهم، وينذرونهم، ويبشرونهم.
قال الله تعالى: رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ ؛ يعني أن الله جعلهم ينذرون الناس؛ ينذرون أهل الكفر، ويبشرون أهل الإيمان، لماذا ؟ لكي لا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، صرح بذلك الناظم بقوله:
كي لا يكون حجـة للنــاس بـل
لله أعلى حجــة عــز وجـــل
أي لئلا يكون للناس على الله حجة بعد الرسل، لأجل أن يقطع الأعذار؛ فلا يقولون ما جاءتنا رسل ولا علمنا؛ بل لله الحجة قال تعالى: قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبَالِغَةُ فهو قد أرسل رسله حتى تنقطع حجة الخلق، وكذلك أنزل كتبه قال تعالى: وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خَلَا فِيهَا نَذِيرٌ ؛ أي ما من أمة إلا وقد أنذرهم نذير، أرسل الله -تعالى- إليهم من ينذرهم، وقال تعالى: وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اُعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ فدل على أنه قطع المعذرة، وذكرهم بما خلقوا له.
كي لا يكون حجـة للنــاس بـل
لله أعلى حجــة عــز وجـــل
الحجة لله.

line-bottom